العتاصر |
مفهوم اصول التربية |
أهمية دراسة أصول التربية |
الأصول التاريخية للتربية |
الأصول الفلسفية للتربية |
الأصول الإجتماعية للتربية |
الأصول الإقتصادية للتربية |
الأصول السياسية للتربية |
المراجع |
تعد التربية ضرورية لبناء الدولة العصرية وإرساء الديمقراطية الصحيحة والتماسك الاجتماعى والوحدة الوطنية ، ولقد برزت أهمية التربية وقيمتها فى تطوير الشعوب وتنميتها الاجتماعية والاقتصادية وفى زيادة قدرتها الذاتية على مواجهة التحديات الحضارية التى تواجهها ، ويمكن القول أن التربية تستند إلى أصول مستمدة من العلوم التى تفيد فى فهم جوانبها المختلفة مثل : علم النفس ، علم الاجتماع ، التاريخ ، علم السياسة ، علم الاقتصاد والفلسفة ، وأن دراسة أصول التربية هى دراسة نظرية للأسس المختلفة التى يقوم عليها التطبيق فى مجال التربية ، ان دراسة المربى بصفة عامة والمعلم بصفة خاصة لأصول التربية ، أى دراسته للأسس التى تحكم عمله النظرى والتطبيقى يجعل نشاطه ذا معنى وذا رؤية واضحة ويقيمه على أسس انتحلت نتيجة التجربة أو التطبيق أو التحليل الفلسفى أو الحاجات العقلية ، ولكل هذا يمكن القول أن الأصول فى التربية هى العمق الذى يكسبها صفاتها كمهنة ووظيفتها كقوى اجتماعية ، ودراسة فى الأصول هى دراسة المسلمات والفرضيات والتطويرات التى تؤثر على الممارسات التعليمية وعلى عمل المؤسسات التعليمية ، فهى تهدف للكشف عن هذه المسلمات والفرضيات من المنظور الفلسفى والاجتماعى والتى يمكن من خلالها إحداث عمليات التحول الاجتماعى مادام أن أحدا لاينكر إمتداد هدمات التعليم والتربية إلى سائر الناس ولاينكر أحد الدور البارز الذى يمكن أن تسهم به التربية إسهاما فعليا فى إيقاظ الناس والاشتراك الفعلى فى إدارة شئون مجتمعاتهم وفى توجيه مصير العالم المعاصر .
كما تعرف على أنها القواعد والأسس والمبادئ والنظريات والمسلمات والافتراضات والحقائق التى يقوم عليها أى نظام تربوى أو هى الجذور والمنابع التى تنبثق منها الأفكار و النظريات والممارسات التربوية .
كما أن أصول التربية تعنى بالقواعد والأسس التى تحكم عمل المؤسسات التربوية المختلفة وما تقدمه من خبرات تربوية من إقامة منهج تربوى مناسب أو تنظيم للسلم التعليم أو اقتراح إدارة تربوية سليمة أو تخطيط تربوى ناجح أو طريقة تدريسية ذات كفاءة عالية أو وضع نظام جديد للتقويم .
ويتبين مما سبق أن أصول التربية كل ما تستند إليه التربية من مبادئ وأسس ومفاهيم وأساليب نظرية وتطبيقية تحكم العمل التربوى وتوجه الممارسات التربوية ، وبذلك تعد الأصول التربوية القاعدة لكل العلوم التربوية .( قاسم قحوان , 2016 : 29 )
إن دراسة أصول التربية لا تهتم بالبحث وراء الأهداف والغايات النهائية للتربية أو طبيعة هذه الأهداف أو بنواحى الفهم والتفسير والتحليل الخاص بها وحسب ، وإنما تعنى فى الأساس وقبل كل شىء النتائج التى تبث صحتها فى مجال التطبيق التربوى أو التى لها آثار إيجابية على التطبيق التربوى أو التى يعتقد أنها كذلك ، فالأصول فى التربية هى العمق الذى يكسبها صفتها كمهنة ووظيفتها كقوة اجتماعية ، والدراسة فى الأصول هى دراسة المسلمات والفرضيات والتطورات التى تؤثر على الممارسات التعليمية وعلى عمل المؤسسات التربوية أنها تهدف إلى الكشف عن هذه المسلمات والفرضيات والتطورات من التطور الفلسفى والاجتماعى والاقتصادى والتاريخى من أجل الوصول إلى نظام فكرى متسق يوجه العمل التربوى فى مجال التطبيق ، و دراسة أصول التربية هى دراسة نظرية لأسس مختلفة التى يقوم عليها التطبيق فى مجال التربية ، والهدف من دراستها هو فهم طبيعة العملية التربوية ودراسة مختلف جوانبها وأبعادها وما يمكن أن تؤدى إليه هذه الدراسة من تطويرها وتحسينها وترجع أهمية تدرسيها للمعلمين التى تزودهم بتوجيهات لها فائدة عملية وإمداداهم بمجموعة من الأفكار و النظريات التى يمكن تطبيقها ف مواقف تربوية مختلفة داخل الفصل الدراسى أو خارجه.
وتتضح أهميتها فى دراسة الفكر التربوى وهى وسيلة من وسائل إعداد المعلمين ليستفيدوا من تجارب الآخرين ويضيفوا إليها , وتبحث فى الإنسان وعلاقاته بالبيئة الخارجية وتضم العلوم التربوية مختلف المعارف الخاصة بظاهرة تنشئة الإنسان من ناحية خصائصه النفسية والعقلية , وقد تبحث لزيادة المعرفة بالإنسان الظواهر النفسية .
إن دراسة المربى بصفة عامة والمعلم بصفة خاصة لأصول التربية أى دراسته للأسس التى تحكم عمله النظرى والتطبيقى يجعل نشاطه ذا معنى وذا غاية واضحة ويقيمه على أسس امتحنت نتيجة التجربة أو التطبيق أو التحليل الفلسفى أو الحاجات العقلية ، ولكل هذا يمكن القول أن الأصول فى التربية هى العمق الذى يكسبها صفتها كمهنة ووظيفتها كقوة اجتماعية ودراسة فى الأصول هى دراسة المسلمات والفرضيات والتطورات التى تؤثر على الممارسات التعليمية وعلى عمل المؤسسات التعليمية أنها تهدف إلى الكشف عن هذه المسلمات والفرضيات من المنظور الفلسفى والاجتماعى والتى يمكن من خلالها إحداث عمليات التحول الاجتماعى مادام أن أحدا لا ينكر إمتداد خدمات التعليم والتربية إلى سائر الناس .
ولا ينكر أحد الدور البارز الذى يمكن أن تسهم به التربية إسهاما فعليا فى إيقاظ الناس والاشتراك الفعلى فى إدارة شئون مجتمعاتهم وفى توجيه مصير العالم المعاصر ، كما أن دراسة أصول التربية توجه العمل فى التربية كمهنة من أهم المهن ، وإن الحديث عن التربية من حيث أسسها المختلفة يعتبر محل اهتمام المشتغلين بالتربية على اختلاف تخصصاته واهتماماتهم ، غير أن الحديث عن أصول التربية لن يكون بعيدا عن أصولها الثقافية ، الاجتماعية ، النفسية ، الاقتصادية ، التاريخية فكل هذه الأصول تجمعها وحدة واحدة هى البناء الاجتماعى المتكامل داخل المجتمع الواحد .( لطيفة الكندرى , بدر محمد , 2005 : 25 )
للتربية أصولها التاريخية فهى تعتبر محصلة عوامل ومؤثرات مختلفة فالنظام التعليمى بما يتضمنه من عمليات وتنظيمات وما يواجهه من مشكلات وقضايا يتأثر بطبيعة المرحلة التي يعيشها فالدراسة التاريخية للمجتمع والتربية تعين على فهم تطور التعليم و مواجهة مشكلاته بصورة أكثر وضوحا على أساس التعرف على أهم القوي السياسية و الاقتصادية والثقافية التي تشكل المجتمع وأثرها على خلق ما يواجهه التعليم من مشكلات .
إن التاريخ التربوى كمدخل أو منهج يعين على دراسة موضوعات تربوية فهم كنسق معرفى قائم بذاته له طبيعة الحال علاقة تربى واضحة بدراسات فلسفة التربية واجتماعات التربية ومما يعنى فى هذا المجال هو أن التاريخ كمدخل أو كمنهج له اتصال بكل الدراسات التربوية بلا استثناء أن يرجع إلى نظم التعليم .
و مما يجعل للدراسات التاريخية التربوية أهمية كأصل من أصول التربية وأهمية تتبع العلاقة الجدلية بين الفكر التربوى و بين العوامل والقوى الاجتماعية السائدة فى فترة من فترات هذه الدراسة التاريخية بما يحويه هذا الفكر من أهداف التربية و من رأى فى الطبيعة البشرية إحلال عناصر فكرية تربوية أخرى محلها .
تلعب الأصول التاريخية دورا مهما فى توجيه التعليم ، والتعمق فى مفاهيمه ، ومشكلاته ، حيث إن هذه الأصول تتيح لنا دراسة جذور مشكلات التعليم واتجاهاته ووسائل مواجهتها فى الماضي ، ومدى ملائمة هذه الوسائل لطبيعة المرحلة التي تواجه فيها التعليم مسؤلياته ، بمعنى يجب العودة إلى الماضى ولابد من فحصه تحقيقا لمستقبل أفضل لحركة القوي الاجتماعية و الاقتصادية وما بينهما من تناقض أو التقاء .
وتنج هذه الأصول عن تفاعل الإنسان مع معطيات بيئته الطبيعية والاجتماعية عبر العصور التاريخية الطويلة ويترك بصمات على التربية , كما تترك على عناص الحياة وثقافات المجتمعات والتعمق فى الخبرة التاريخية للعملية التربوية يعنى اكتشاف كيف كانت التربية على مر العصور وأهداف التربية فى تلك العصور وطبيعة النظام التعليمى ومناهجه وطرق تدريسه وإدارته وتمويله فى كل منها .
ولاشك أن دراسة التاريخ التربوى ذات فوائد أخرى كثيرة إذ أنها تعمق فهم المربى بالقوى والعوامل التى أثرت فى مسيرة التربية فى مجتمع معين وكيف أن التربية فى عصر معين اقتصرت على تربية العقل فقط , وأدت إلى نتائج معينة وكيف أن التربية اقتصرت على تربية الروح فقط وما النتائج التى أدت إليها تلك التربية , وفى كل مرحلة من مراحل التطور الاجتماعى ينشأ التناقض بين هؤلاء الذين يتمسكون بالمفاهيم التقليدية المتأثرة بالماضى وبين أولئك الذين يرون ضرورة التغيير والتجديد .( قاسم قحوان , 2016 : 48 )
ان التربية تركز على القضايا التي تعالجها والتي تدور حول طبيعة الانسان والمجتمع والحياة والعلاقة بينهما . والمربون يثيرون كثيرا من القضايا التي تعالجها الفلسفة مثل طبيعة الانسان الذي نقوم بتربيته ، وطبيعة الحياة التي نود ان تقودنا التربية اليها ، وطبيعة المجتمع البشري ، وطبيعة المفاهيم والقيم التي نتطلع اليها.
لذلك فالتربية لايمكن لها ان تنمو وتكتمل في ميدان التطور ما لم تستند الى فكر فلسفي يغذيها بالجد والابتكار والابداع في عالم يسابق العلم ومنجزاته للفكر وتطلعاته .
لفلسفة التربية تعريفات عديدة فمنهم من يعرفها بأنها " الجهد المقصود لتطبيق الفكر الفلسفي في ميدان التربية شأنها شأن الفلسفة العامة من حيث انها تأملية وناقدة وتحليلية " ومنهم من يقول انها ( ذلك الميدان الذي يبحث في المشكلات الفلسفية والاجتماعية من الزاوية التربوية ويبحث المشكلات التربوية فلسفيا واجتماعيا ) وهناك من يقول انها ("تطبيق النظرة الفلسفية والطريقة الفلسفية في ميدان الخبرة الانسانية الذي نسميه التربية ") .
ففلسفة التربية اذن تتضمن تطبيق التفكير الفلسفي على ميدان التربية في مجال الخبرة الانسانية وبذلك تصبح الفلسفة كما يقول جون ديوي " النظرة العامة للتربية " وهكذا تكون فلسفة التربية:
( النشاط الفكري المنظم الذي يتخذ الفلسفة وسيلة لتنظيم العملية التربوية وتنسيقها والعمل على انسجامها ، وتوضيح القيم والاهداف التي تسعى الى تحقيقها )
واذا تحدثنا عن الفلسفة المثالية فهي أول تيار فكري قدم من خلال أعمال أفلاطون أول فلسفة تربوية مكتوبة, والمثالية تعني المذهب الذي يقول إن الأشياء الواقعية ليست شيئاً آخر غير أفكارنا نحن, وأنه ليس هنالك حقيقة إلا ذواتنا المفكرة, وقد اتفقت المدارس المثالية فيما بينها على أن الإنسان كائن روحي يمارس حرية الارادة ومسؤول عن تصرفاته.
وترجع كلمة المثالية في الاصل اللغوي الى كلمة (ideal) التي تعني ( مثل اعلى ) وفي اصلها اللغوي العربي الى كلمة ( مثل ) لهذا فان معناها اللغوي يتضمن الخير والفضيلة والسمو نحو المثل العليا .
تبحث الأصول الفلسفية فى العلاقة التى تربط الفلسفة بالتربية وفى الفلسفة السائدة فى المجتمع التى توجه العمل التربوى وتحدد أهدافه ومحتوى مناهجه والطرق والأساليب والإجراءات التى تحقق هذه الأهداف من خلال تلك المناهج ، ويقصد بالأصول التربوية الفلسفية حصيلة الأفكار القديمة والجديدة التى تحاول بصورة منهجية أن تفهم الأسس المؤثرة فى التربية ومصادرها وأهدافها وقضاياها الكبرى .
وهى تبحث فى الفروض والمسلمات والنظريات التي يعتمد عليها الفلاسفة فى تفسير الكون و ظواهره والإنسان وطبيعته والنظرات و الاجتماعية والفلسفية التي تسعى إلى تفسير وتحلل ما هو كائن بالنسبة للفرد والمجتمع ورسم صورة لما ينبغى أن يكون وتهدف الأسس الفلسفية للتربية إلى دراسة بعض النظريات والأفكار والمبادئ الفلسفية التى لها ثمة صلة بالأبنيه التربوية سواء النظرى منها أو التطبيقى وإن كانت تعني بصفة خاصة بالأجزاء النظرية بغية الوصول إلى أفضل صيغة ممكنة لتحقيق الأهداف والمثل المجتمعية فى البناء التربوى و للتربية صلة واضحة بتاريخ الفلسفة فإن هذا التاريخ يسجل الجهود العقلية للإنسان فى محاولاته تفسر الحياة الإنسانية و فهم صلتها بالوجود ويتضج تأثير الفكر الإنسانى الذي تمثله الفلسفة على التربية من خلال معرفة نمط التربية التي سادت في كل مجتمع و عصر ، ومن المقارنة بين التربية التقليدية و التربية الحديثة ، فكل نمط من هذه الأنماط التربوية كان خلفه فلسفة خاصة استمد منها أسسه وقواعده و مبادئه .
وتساعد الأصول الفلسفية للتربية فى فهم العملية التربوية وتعديلها ،وايضاًتساعد على اقتراح خطوط جديدة للنمو التربوي ، تنظم الفكر التربوي ، كما انها تساعد على فهم العملية التربوية بطريقة افضل واعمق ، وتعمل على توضيح المفاهيم والفروض التي تقوم عليها النظريات التربوية ،و تمد الانسان بوسائل للتعرف على الصراعات والتناقضات بين النظرية وتطبيقاتها ، وأخيراً ومن الجدير بالذكر انها تنمي قدرة الانسان على اثارة الاسئلة مما يساعد على تحقيق الحيوية التربوية.
إن الأصول الفلسفية للتربية تقوم بدور المنظم والموجه فى ميدان التربية فهناك الكثير من الفروع والعلوم تتصل بميدان التربية مثل علم الاجتماع والتاريخ والاقتصاد والذى ينظم هذه الفروع بالتربية فلسفة التربية , إذن الذى يحدد الصالح للتطبيق فى ميدان التربية هو فلسفة التربية , وعملية الانتقاء هذه تتم وفقا لفلسفة المجتمع وتختلف عملية الاختيار والانتقاء من مجتمع لآخر , إذن الأصول الفلسفية للتربية تنبثق أهميتها من فهم النظام التعليمى عن طريق مفاهيمه , تشخيص بعض المفاهيم الخاطئة , التدريب على التحليل والتركيب , إدراك علاقات جديدة , حل بعض مشكلات الصراع القيمى , تطوير العملية التعليمية , فالفلسفة بدون نظام تربوى أو مضمون تربوى تفقد ركنا أساسيا من أركانها , فالزاوية التربوية تساعد على أن ترى المسائل الفلسفية فى مجالها الطبيعى حيث يترتب على الأخذ بها أو رفضها فروق فى الناحية العلمية .
وحتى تبقى الفلسفة مجرد نشاط لفظى أو متعة عاطفية أو نظريات جامدة , فإن تقويمها للخبرة الإنسانية فى أى مجتمع لابد وأن تترجم نتائجه فى سلوك , فالتفكير الفلسفى يعين المربى على مناقشة الفروض أوالمسلمات التى يقوم عليها العمل التربوى كأن يناقش المسلمات الخاصة بطبيعة الفرد وأثر بتركيب المجتمع وماهيته وأثر ذلك على القيم موقف الإنسان منها , وهكذا بالنسبة للتغيير وموقف التعليم منه . ( طلعت عبدالحميد,عصام الدين هلال,محسن خضر , 2003 : 133 )
وإن التربية تستمد الكثير من أهدافها ومناهجها وأساليبها وأصولها من المجتمع ومن ثقافة المجتمع ومن قضاياه ومشكلاته ، وعلى هذا الأساس فلابد أن تتفاعل المناهج والبرامج الدراسية على اعتبار أن المدرسة جزء من العملية التربوية .
وإن هذا الدور الاجتماعى الذى تقوم به التربية قد عمق من وظيفتها وتغيرت النظرة إلى المعرفة التى تهتم بها التربية ، و أصبح لها مدلول اجتماعى ، ووظيفة اجتماعية ، فزاد هذا من أهمية التربية وتحولت النظرة إلى التربية من كونها عملية فردية إلى عملية اجتماعية ، تشتق مقوماتها ومادتها من المجتمع وثقافته .
ويمكن فهم الأصول الاجتماعية للتربية من خلال الأوضاع الاجتماعية والانماط السيكولوجية السائدة فى التربية المجتمعية غير أن هناك ثمة جدل سبق الإشارة إليه وهذا الجدل قائم بين علماء التربية بشأن الوظيفة الإجتماعية للتربية ومؤدى هذا الجدل برز اتجاهان :
- الإتجاه الأول : وهذا الاتجاه يقرر بان التربية عليها أن تساير الأوضاع المجتمعية كما هى أى أن وظيفتها تنحصر فى المحافظة على الأوضاع القائمة ، والتربية بهذا المعنى يطلق عليها تربية محافظة .
-الإتجاه الثاني: وهذا الإتجاه يتعدى في هذه المحاولة إلى محاولة أخرى ترى بأن التربية هي أداة أساسية لخلق أوضاع اجتماعية جديدة تفضل الأوضاع القائمة وتتميز عليها وإنها الوسيلة الكبرى لإحداث تغيرات أساسية فى الأبنية الاجتماعية بهدف الوصول إلى أفضل النظم والأوضاع الاجتماعية التي تحقق أهداف أفضل للفرد والجماعة .
وتعتبر المجتمعات نظم معقدة التركيب من حيث العلاقات الاجتماعية فعلى سبيل المثال الأسرة تتكون من مجموعات عدة من العلاقات منها العلاقات القائمة بين الرجل وزوجته أو العلاقات بين الأبوين والطفل وتلك بين الأخ وأخته وبين الجدين والحفيد فكل علاقة من هذه العلاقات يمكن أن تدرس كنمط متميز من العلاقات ونستطيع فى دراستنا لكل العلاقات الاجتماعية أن تتبع بعض الجوانب المشتركة من هذا بعض الخصائص المتعلقة بحجم الجماعة ونوع العلاقة .
والتربية بحسب هذا الرأى الأخير هى التى تقرر الصيغة الاجتماعية الأكثر صلاحية للمجتمع ومن ثم فهى أخلاق إيجابية وليست سلبية تقف أهميتها عند مجرد المحافظة على ما هو موجود فقط ، أنه قد ظهر اتجاه ثالث حاول التوفيق بين الاتجاهين المتعارضين السابقين وهذا الاتجاه ينظر إلى التربية نظرة شمولية . ( عبدالغنى محمد , 2014 : 82 )
تؤثر التربية فى عمليات الانتاج وفى التنمية الاقتصادية ، وهى ذات عائد اقتصادى قاسة الباحثون فوجوده كبير جدا ، وبذلك تهتم التربية بجانب تنميتها لشخصيات الأجيال الجديدة و إتاحة الفرص التعليمية امامها لكى تنمو إلى أقصى حد ممكن ، لإنها تهتم بتنمية مهارات حركية و عقلية تبدأ بسيطة فى الأعمار الصغيرة ، ثم تتدرج حتى تلتحم تماما مع متطلبات المهن المختلفة .
ولقد اتضحت هذه الأصول الإقتصادية للتربية خاصة و قد أصبحت أهداف التربية أهدافا شمولية بالنسبة للفرد والمجتمع بحيث تسهم فى تنمو الطبيعة البشرية بشكل متكامل و تحقق أهدافا شاملة اجتماعية واقتصادية، ذلك بعد أن كانت تهدف فقط الى تنمية العقل وتنشئة الاجيال الجديدة على قيم خلقية مجردة .
فالتنمية الاجتماعية والاقتصاديهة فى المجتمع تقوم على أساس وجود مجموعة من القوى البشرية المدربة والمتعلمة المؤهلة بمهارات تخصصات متنوعة والقادرة على القيام بعمليات الانتاج المختلفة ، وهذه القوى البشرية تقوم التربية بإعدادها من المجالات التى يتزايد الاهتمام بها بشدة فى العقود الاخيرة، فكما كان من الضرورى والاهمية النظر للتربية ودراستها فى علاقتعا بالسياسة والبناء الاجتماعى ،كان من الضرورى النظر إليها ودراساتها في علاقتها بالاقتصاد .
فالتنمية الاقتصادية تتطلب تغيير فى عمليات الانتاج وفى اتجاهات الافراد وقيمهم نحو العمل ، كما تتطلب تدريب هؤلاء الأفراد واكسابهم المهارات اللازمة لإحداث التطور ومتطلبات التنمية و أساس التنافس المحلى والعالمى والذى فرضته قوى وآليات العولمة و الاهتمام بدراسة التربية في الإطار الاقتصادى ، بعدما أصبحت قوة الامم وتقدمها لا تقاس فقط بتوافر لديها من مواد طبيعية وانما بمدى امتلاكها للقوى البشرية الواعية والمدربة على العمل والانتاج ورصيدها القوى المعرفى المتمثل فى عدد الاكتشافات العلمية وحقوق الملكية الفكرية المسجلة للمخترعين والموهوبين والمبدعين وغيرهم .
إن التعلم فى المجال الفنى والمهنى هو الذى يرتبط بدرجة كبيرة جدا بحاجات العمل الفعلية والفرص أمامه متاحة بدرجة أكبر من التعليم خاصة أنه باتت هناك زيادة كبيرة فى عدد المتخرجين فى مجال الوظائف الكتابية والإدارتين من حملة المؤهلات المتوسطة والعليا ومعظمهم تخصصات نظرية وليس لدى معظمهم أى قدر من الخبرات فى أى مجال مهنى بل ومعظمهم قصروا أنفسهم على مؤهلاتهم وتخصصاتهم وهذا جعل المجتمع المحلى يأخذ من هذه الطاقة ما يحتاجه والباقى يعتبر طاقة زائدة . ( لطيفة الكندرى,بدرمحمد , 2005 : 139 )
يلعب النظام السياسى دورا هاما فى تشكيل أصول التربية فما يحتويه هذا النظام من قيم وما يؤكده من اتجاهات وما يتبناه من اتجاهات يرى أن سبيلها إلى التجسيد فى الواقع الاجتماعى يتحقق عن طريق تربية الأجيال المختلفة من أبناء المجتمع والتاريخ الاجتماعى للتربية يحدثنا عن أن التعليم كان يتأثر باستمرار بنظام الحكم فى المجتمع وبتوجيه الدولة له فلقد كان أرستقراطيا حينما كانت تتسيد الطبقة الارستقراطية على المجتمع وهكذا يكون ديمقراطيا فى دولة تدين بالديمقراطية ويكون اشتراكيا فى دولة تدين بالاشتراكية وبالعدالة الاجتماعية .
وهو فى عصرنا الحاضر يتأثر فى بعض المجتمعات بالتوجيه العلمى للدولة والمجتمع وللنظم الاجتماعية فيه ، ولقد وجد الفلاسفة والمفكرون السياسيون أنفسهم وهم يضعون نظام لدولة مثالية وجها لوجه أمام التربية كأداة لبنائها وبناء مواطينيها على المبادئ والقيم والتصورات التى يضعوها لهم ، ولقد كان لهذا التأثير السياسى فى التعليم أثره فى إختلاف مفاهيم التربية وأهدافها وذلك لإختلاف المفاهيم السياسية من وقت لآخر ومن مجتمع لآخر .
كما كان له أثره فى إختلاف كثير من المفاهيم الاجتماعية المرتبطة بالتربية كمبدأ الإدارة وأسسها وأساليبها ومبدأ الفرص التعليمية وما إلى ذلك ، ولهذه الأسباب كلها كان على التربية أن تتخذ لنفسها من السياسة أساسا تستند إليه فتتعرف على مفاهيمها وأسسها وأهدافها وإدارتها داخل المدرسة وخارجها كما تضىء لهم معانى كثيرة من محتوى الحقوق والواجبات التى تنشأ الأجيال عليها وما إلى من الأمور .
ولهذا لابد أن تقوم التربية على دراسة علم السياسة فتستمد منه المبادئ والمفاهيم التى تساعد على فهم طبيعتها ووظيفتها فى المجتمع ، ومن خلال هذه المبادئ تتحد مواقف وعمليات مختلفة فى التعليم مثل نوع الإدارة التعليمية ونوع المسؤوليات والحقوق فى كل موقع منها ، فهى تعبر عن الطابع السياسى العام للدولة فالتعليم شأنه شأن أى ميدان فى المجتمع تحكمه قوانين ولوائح وتنظيمات و كل هذا يعبر عن السلطة السياسية فى المجتمع .
ولقد حرص الفلاسفة والسياسيون والمفكرون وهم ينسجون نظرياتهم السياسية على وضع التعليم وتوجيههه فهو فى يد الدولة الديمقراطية يعتبر السبيل إلى تكوين صفات الديمقراطية ومهاراتها فى المواطنين , إن التعليم فى كل الأحوال هو السبيل إلى التربية السياسية وإلى تكوين الموطن وتختلف المفاهيم المرتبطة بالتعليم والتى يقوم عليها باختلاف الإطار السياسى الذى يعمل فيه ومن ذلك مفهوم تكافؤ الفرص ومفهوم الإدارة وموقفه من الرأى العام ومن القوى السياسية والاقتصادية والاجتماعية .
بل أن مادته التى تقدمها إلى المتعلمين لابد أن تتأثر بفعل التوجيه السياسى العام الذى يخضع له , وتزداد أهمية التعليم دائما فى فترات التغير السياسى وانتقال السلطة من طبقة إلى طبقة خاصة فى فترات التحول الكبرى التى تنتقل فيها السلطة إلى الشعب بمعناه الواسع ولهذا كله لابد أن تقوم التربية على دراسة علم السياسة فتستمد منه المبادئ والمفاهيم التى تساعد على فهم طبيعتها ووظيفتها فى المجتمع . ( طارق عبدالرؤوف , 2008 : 39 )
1. طارق عبدالرؤوف (2008) : أصول التربية "الاجتماعية-الثقافية-الاقتصادية" – الاكاديمية العربية المفتوحة (مرحلة البكالريوس) .
2. طلعت عبدالحميد,عصام الدين هلال,محسن خضر (2003) : الحداثة ما بعد الحداثة دراسات فى الأصول الفلسفية للتربية – مكتبة الانجلو المصرية – القاهرة .
3. عبدالغنى محمد (2014) : أصول التربية – ط2 – صنعاء : دار الكتاب الجامعى .
4. قاسم قحوان (2016) : إضاءات فى أصول التربية – ط1 – عمان : دار غيداء .
5. لطيفة الكندرى , بدرمحمد (2005): تعليقة أصول التربية – ط3 – الكويت : مكتبة الفلاح .